نافذة الثقافة العربية

فاز بجائزة الشارقة لنقد الشعر العربي

فتحي النصري: أرصد التباين بين الشعر والسيرة الذاتية

الكاتب : ساسي جبيل

المزيد من المواضيع للكاتب
العدد 102 Apr, 01 2025
فاز‭ ‬الشاعر‭ ‬والناقد‭ ‬التونسي،‭ ‬الدكتور‭ ‬فتحي‭ ‬النصري‭ ‬بـ‭(‬جائزة‭ ‬الشارقة‭ ‬لنقد‭ ‬الشعر‭ ‬العربي‭) ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الرابعة‭... ‬عن‭ ‬الجائزة‭ ‬وكيف‭ ‬تقبّل‭ ‬خبر‭ ‬الفوز‭ ‬بها‭ ‬قال‭ (‬وردت‭ ‬عليّ‭ ‬صبيحة‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬مكالمة‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬العامّة‭ ‬لجائزة‭ ‬الشارقة‭ ‬لنقد‭ ‬الشعر،‭ ‬وزُفَّ‭ ‬إليّ‭ ‬الخبر‭ ‬البهيج‭.‬

 

فقد‭ ‬فاز‭ ‬بحثي‭ ‬الموسوم‭ ‬بـ‭ ‬االسيرذاتيّ‭ ‬في‭ ‬القصيدة‭ ‬العربيّة‭ ‬المعاصرة‭ ‬بين‭ ‬الأثر‭ ‬المرجعيّ‭ ‬والخرق‭ ‬الغنائيّب‭ ‬بجائزة‭ ‬الشارقة‭ ‬لنقد‭ ‬الشعر‭ ‬العربي،‭ ‬وازداد‭ ‬ابتهاجي‭ ‬عندما‭ ‬علمت‭ ‬أنّني‭ ‬فزت‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الأوّل،‭ ‬غمرني‭ ‬فرح‭ ‬عارم‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬قلته‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سوى‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفرح‭ ‬ومشاعر‭ ‬الامتنان؛‭ ‬لأنّ‭ ‬الجهد‭ ‬الذي‭ ‬بذلته‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬البحث‭ ‬المتوّج‭ ‬أتى‭ ‬أكله‭. ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬وصلتني‭ ‬على‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬رسالة‭ ‬تهنئة‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الثقافيّة‭. ‬فزادني‭ ‬ذلك‭ ‬ابتهاجاً‭ ‬واعتزازاً‭ ‬بما‭ ‬أنجزت،‭ ‬وبادرت‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬نصّ‭ ‬التهنئة‭ ‬إلى‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتي‭ ‬ليقاسموني‭ ‬فرحتي‭ ‬واعتزازي‭. ‬وظللت‭ ‬أنتظر‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬إعلان‭ ‬إدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الثقافيّة‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الثقافة‭ ‬بالشارقة،‭ ‬عن‭ ‬الفائزين‭ ‬حتّى‭ ‬أزفّ‭ ‬الخبر‭ ‬السعيد‭ ‬لكافّة‭ ‬أصدقائي‭ ‬وأهلي‭). ‬

وعن‭ ‬مدار‭ ‬البحث،‭ ‬أكد‭ ‬الباحث‭ ‬التونسي‭ ‬التعامل‭ ‬بين‭ ‬الشعريّ‭ ‬والسيرذاتيّ‭ ‬في‭ ‬القصيدة،‭ ‬إذ‭ ‬يبنيهما‭ ‬الشاعر‭ ‬على‭ ‬استدعاء‭ ‬شذرات‭ ‬من‭ ‬وقائع‭ ‬حياته‭ ‬الخاصّة‭. ‬وتعود‭ ‬طرافة‭ ‬الموضوع‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬بين‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتيّة‭ ‬والشعر‭ ‬من‭ ‬التباين‭ ‬في‭ ‬الخصائص،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬مباشرة‭ ‬السيرذاتيّ‭ ‬في‭ ‬القصيدة‭ ‬العربيّة‭ ‬المعاصرة‭ ‬مدعاة‭ ‬لإثارة‭ ‬عديد‭ ‬القضايا‭ ‬والإشكاليّات‭. ‬فالسيرة‭ ‬الذاتيّة،‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬معلوم،‭ ‬جنس‭ ‬سرديّ‭ ‬مرجعيّ‭ ‬ذو‭ ‬طبيعة‭ ‬نثريّة‭ ‬تفترض‭ ‬لغة‭ ‬شفّافة‭ ‬تؤمّن‭ ‬التواصل‭ ‬والإفهام،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنّ‭ ‬الشعر‭ ‬نمط‭ ‬مخصوص‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬اللغة‭ ‬يحفّز‭ ‬المشابهة‭ ‬الصوتيّة‭ ‬ودلالة‭ ‬الإيحاء‭ ‬ويراهن‭ ‬على‭ ‬الخيال‭ ‬والتخييل‭. ‬فأنّى‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتّسع‭ ‬للسيرذاتيّ؟‭ ‬وهل‭ ‬بإمكان‭ ‬اللغة‭ ‬الشعريّة‭ ‬الانصياع‭ ‬للشفافيّة‭ ‬المرجعيّة؟‭ ‬وإذا‭ ‬تمّ‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭ ‬ألا‭ ‬يتجرّد‭ ‬الشعر‭ ‬من‭ ‬شعريّته‭ ‬ويغدو‭ ‬مجرّد‭ ‬نظم‭ ‬لوقائع‭ ‬حياة‭ ‬خاصّة؟‭ ‬أم‭ ‬على‭ ‬الشعر‭ ‬أن‭ ‬يجرّد‭ ‬السيرذاتيّ‭ ‬من‭ ‬خصائصه‭ ‬الأجناسيّة‭ ‬حتّى‭ ‬يخضعه‭ ‬لمقتضيات‭ ‬الشعريّة؟‭ ‬ثمّ،‭ ‬وقبل‭ ‬كلّ‭ ‬ذلك،‭ ‬هل‭ ‬يتعلّق‭ ‬الأمر‭ ‬بكتابة‭ ‬سيرة‭ ‬ذاتيّة‭ ‬تستوفي‭ ‬شروط‭ ‬هذا‭ ‬الجنس‭ ‬شعراً،‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬حضور‭ ‬عناصر‭ ‬سيرذاتيّة‭ ‬في‭ ‬القصيدة،‭ ‬فيَحْسُن‭ ‬عندئذٍ‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬سيرذاتيّ؟‭ ‬

إنّ‭ ‬الشاعر‭ ‬المعاصر‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬سيرته‭ ‬شعراً‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬النثر،‭ ‬بل‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬استدعاء‭ ‬تجارب‭ ‬مؤثّرة‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬يخضعها‭ ‬لمقتضيات‭ ‬الشعر،‭ ‬ولذلك‭ ‬بنينا‭ ‬هذا‭ ‬البحث‭ ‬على‭ ‬فرضيّة‭ ‬مفادها‭ ‬أنّ‭ ‬السيرذاتيّ‭ ‬إذ‭ ‬تستدعيه‭ ‬القصيدة‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬عرضة‭ ‬لضروب‭ ‬من‭ ‬التحويل‭ ‬يقتضيها‭ ‬انصهاره‭ ‬في‭ ‬بنيتها‭. ‬ولا‭ ‬يعود‭ ‬هذا‭ ‬الافتراض‭ ‬إلى‭ ‬الانطباع‭ ‬المتحصّل‭ ‬لدينا‭ ‬ممّا‭ ‬أتيح‭ ‬لنا‭ ‬الاطّلاع‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬اشعر‭ ‬سيرذاتيّب‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬يعود‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬نزوع‭ ‬عامّ‭ ‬في‭ ‬الشعريّة‭ ‬الحديثة،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬القصيدة‭ ‬قوّة‭ ‬نفي‭ ‬تتغذّى‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنماط‭ ‬الخطاب‭ ‬والبنى‭ ‬الأجناسيّة،‭ ‬وتخْرقها‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬نفسه‭.‬

 

إذاً‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تتعلّق‭ ‬بإثبات‭ ‬حضور‭ ‬عناصر‭ ‬سيرذاتيّة‭ ‬في‭ ‬الشعر،‭ ‬ولكن‭ ‬بصيرورة‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬يطرأ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬التحويل‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬حضورها‭ ‬أشبه‭ ‬بأثر‭ ‬بعد‭ ‬عين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخلّف‭ ‬الانطباع‭ ‬بأنّ‭ ‬السيرذاتيّ‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬ينوس‭ ‬بين‭ ‬الإثبات‭ ‬والنفي،‭ ‬وهذا‭ ‬الوضع‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬موضوعيّة‭ ‬تتمثّل‭ ‬ببساطة‭ ‬في‭ ‬التباين‭ ‬الحادّ‭ ‬بين‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتيّة‭ ‬والشعر؛‭ ‬فهي‭ ‬جنس‭ ‬سرديّ‭ ‬مرجعيّ‭ ‬يروي‭ ‬أحداثاً‭ ‬حقيقيّة‭ ‬تتعاقب‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬وقد‭ ‬تترابط‭ ‬سببياً،‭ ‬وتفترض‭ ‬لذلك‭ ‬لغة‭ ‬شفّافة‭ ‬تؤمّن‭ ‬الإبلاغ‭. ‬وتصطدم‭ ‬هذه‭ ‬الخصائص‭ ‬بما‭ ‬يناقضها‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬مناقضة‭ ‬تامّة؛‭ ‬فالسرديّة‭ ‬والخطيّة‭ ‬والإحالة‭ ‬المرجعيّة‭ ‬نقائض‭ ‬لمقوّمات‭ ‬الشعر‭ ‬الأساسيّة‭: ‬الغنائيّة‭ ‬والدوريّة‭ ‬واللغة‭ ‬الإيحائيّة‭. ‬فكيف‭ ‬تتّسع‭ ‬القصيدة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬للسيرذاتيّ؟‭ ‬

إنّ‭ ‬الإجابة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬حقيقتين،‭ ‬الأولى‭ ‬أنّ‭ ‬الشعر‭ ‬يتغذّى‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنماط‭ ‬الخطاب‭ ‬ومختلف‭ ‬الأجناس،‭ ‬والثانية‭ ‬أنّه‭ ‬يتميّز‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬خرق‭ ‬أيّ‭ ‬أُسّ‭ ‬خِطابيّ‭ ‬أو‭ ‬رسم‭ ‬أجناسيّ‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬تكوينه،‭ ‬إذ‭ ‬يكون‭ ‬عرضة‭ ‬لأشكال‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬التحويل‭ ‬يقتضيها‭ ‬انصهاره‭ ‬في‭ ‬القصيدة‭ ‬وتكييفه‭ ‬بما‭ ‬يلائم‭ ‬مقتضيات‭ ‬الشعريّة‭.‬

وعن‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬النّقدي‭ ‬العربيّ،‭ ‬لفت‭ ‬االنصريب‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ (‬يعسر‭ ‬الكلام‭ ‬على‭ ‬مشهد‭ ‬نقديّ‭ ‬عربيّ‭ ‬لأنّ‭ ‬وضع‭ ‬النقد‭ ‬قد‭ ‬يختلف‭ ‬من‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭. ‬فتقييم‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬يتطلّب‭ ‬مباشرته‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬قطر‭ ‬على‭ ‬حدة‭. ‬ولكن‭ ‬بالإمكان‭ ‬إبداء‭ ‬بعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬العامّة‭ ‬التي‭ ‬تختصر‭ ‬رأيي‭ ‬في‭ ‬نقد‭ ‬الشعر‭. ‬وأنبّه‭ ‬أوّلاً‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬يدرج‭ ‬عادة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬النقد‭ ‬هو‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬البحوث‭ ‬الأكاديميّة‭ ‬والكتابات‭ ‬النقديّة‭ ‬بحصر‭ ‬المعنى‭. ‬وقد‭ ‬يسعى‭ ‬البحث‭ ‬الأكاديمي‭ ‬إلى‭ ‬مباشرة‭ ‬المنجز‭ ‬الشعري‭ ‬بإجراء‭ ‬مقاربة‭ ‬مّا‭ ‬أو‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يباشره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موضوع‭ ‬محدّد‭ ‬أو‭ ‬ظاهرة‭ ‬معيّنة،‭ ‬أمّا‭ ‬النقد‭ ‬فيرمي‭ ‬إلى‭ ‬المقاربة‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬تحدّد‭ ‬قيمته‭ ‬الفنّيّة‭.‬

وقد‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬الشاملة‭ ‬أقلّ‭ ‬صرامة‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬ولكنّها‭ ‬ضروريّة‭ ‬ومفيدة‭ ‬لمعرفة‭ ‬قيمة‭ ‬العمل‭ ‬الأدبي‭. ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬لعودة‭ ‬النقد‭ ‬الانطباعي‭ ‬الذي‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬حطّ‭ ‬الأكاديميّون‭ ‬من‭ ‬قيمته‭. ‬فليس‭ ‬المشكل‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬النقد‭ ‬على‭ ‬انطباعات‭ ‬الناقد،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬يتوقّف‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬تصدر‭ ‬عنه‭ ‬هذه‭ ‬الانطباعات‭. ‬فانطباعات‭ ‬العارف‭ ‬بالشعر‭ ‬تنطوي‭ ‬غالباً‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬وحدوس‭ ‬تقرّب‭ ‬العمل‭ ‬الأدبي‭ ‬من‭ ‬القارئ‭ ‬وتساعده‭ ‬على‭ ‬تذوّقه‭. ‬وأعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬معظم‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬والعقّاد،‭ ‬وإحسان‭ ‬عبّاس،‭ ‬وعزالدين‭ ‬إسماعيل،‭ ‬ومحمّد‭ ‬النويهي،‭ ‬ومحمّد‭ ‬صالح‭ ‬الجابري‭ ‬وغيرهم‭ ‬كثير،‭ ‬نقد‭ ‬انطباعي‭ ‬ولكنّه‭ ‬نقد‭ ‬حصيف‭ ‬لأنّه‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬نقّاد‭ ‬عارفين‭ ‬بالشعر‭. ‬فما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬حقّاً‭ ‬هو‭ ‬طليعة‭ ‬نقديّة‭ ‬تكون‭ ‬وسيطاً‭ ‬بين‭ ‬الشاعر‭ ‬والقارئ‭ ‬وتقرّب‭ ‬الأعمال‭ ‬الشعريّة‭ ‬من‭ ‬المتلقّي؛‭ ‬طليعة‭ ‬نقديّة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬الجديد‭ ‬والمختلف‭ ‬والفريد‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تسدّ‭ ‬الفجوة‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬الشعر‭ ‬المعاصر‭ ‬ومتلقّيه،‭ ‬وبدون‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الطليعة‭ ‬النقديّة‭ ‬قد‭ ‬يضيع‭ ‬شعر‭ ‬كثير،‭ ‬وتعبر‭ ‬تجارب‭ ‬مهمّة‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إليها‭.. ‬هذه‭ ‬الطليعة‭ ‬ضروريّة‭ ‬لوضع‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬مواضعها‭). ‬

وعن‭ ‬أهمّية‭ ‬الجوائز‭ ‬الأدبيّة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الإبداع‭ ‬قال‭ (‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للجوائز‭ ‬الأدبيّة‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬تحفّز‭ ‬النقّاد‭ ‬إلى‭ ‬الاشتغال‭ ‬بالمدوّنة‭ ‬الإبداعيّة،‭ ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬تدعم‭ ‬الممارسة‭ ‬النقديّة‭ ‬وتغني‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافيّ،‭ ‬وتتيح‭ ‬الفرصة‭ ‬للنقّاد‭ ‬ليقدّموا‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬علميّة‭ ‬ودراية‭ ‬نقديّة،‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬المنجز‭ ‬الأدبيّ‭ ‬العربيّ؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يغني‭ ‬المكتبة‭ ‬العربيّة‭ ‬بدراسات‭ ‬جديدة،‭ ‬ويُشعِر‭ ‬الباحث‭ ‬العربيّ‭ ‬بأهمّية‭ ‬ما‭ ‬يقدّم‭ ‬من‭ ‬بحوث‭ ‬يكافأ‭ ‬عليها‭ ‬ماديّاً‭ ‬وأدبياً،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬إشعاعه‭ ‬ولفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أعماله‭).   ‬

وخلص‭ ‬الدكتور‭ ‬النصري‭ ‬في‭ ‬حوارنا‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬الإشادة‭ ‬بدور‭ ‬الشارقة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المشهد‭ ‬الإبداعي،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الإمارات‭ ‬تمنح‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬للأفراد‭ ‬والمؤسّسات‭ ‬رعاية‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون،‭ ‬وتثميناً‭ ‬للجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الإبداعيّة‭ ‬والفنيّة،‭ ‬وتقديراً‭ ‬للمواهب‭ ‬وتحفيزاً‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العطاء‭. ‬وتندرج‭ ‬الجوائز‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬دائرة‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬الشارقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬العام،‭ ‬الذي‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬الثقافيّة‭ ‬وخدمة‭ ‬الثقافة‭. ‬وهي‭ ‬تقدّم‭ ‬برعاية‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬السموّ‭ ‬الشيخ‭ ‬الدكتور
سلطان‭ ‬بن‭ ‬محمّد‭ ‬القاسمي‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬حاكم‭ ‬الشارقة‭ ‬جوائز‭ ‬قيمة،‭ ‬تشمل‭ ‬الثقافة‭ ‬العربيّة‭ ‬والإبداع‭ ‬الشعريّ‭ ‬ونقد‭ ‬الشعر‭ ‬والتأليف‭ ‬المسرحيّ‭.. ‬ولهذه‭ ‬الجوائز‭ ‬أهداف‭ ‬نبيلة‭ ‬ترمي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬تكريم‭ ‬المبدعين‭ ‬وخدمة‭ ‬الإنسان‭.‬